اعلان رأس الصفحة1

تفاوت النمو بين الشمال و الجنوب المجال المتوسطي نموذجا




لمشاهدة الدرس بالفيديو
لتحميل الدرس بصيغة pdf اضغط هنا
انجاز الأستاذ رشيد احمايمي

مقدمة : يمتد المجال المتوسطي في المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وهويتميز بوجود تفاوتات بين ضفتيه الشمالية والجنوبية.

         فما هي مظاهر التفاوت في مستوى التنمية بين ضفتي المجال المتوسطي؟وما هي مجالات وحصيلة ومعيقات التعاون الأورومتوسطي؟

I- الامتداد الجغرافي للمجال المتوسطي وخصائصه المشتركة :

 1- خصائص الامتداد الجغرافي :

* يمتد المجال المتوسطي في منطقة التقاء قارات إفريقيا وأوربا وآسيا(موقع استراتيجي),وينفتح على العالم من خلال مضيق جبل طارق و قناة السويس...

* يمكن تقسيم المجال المتوسطي إلى ضفتين رئيسيتين هما :

- الضفة الشمالية الأوربية : التي تضم دول قوية اقتصاديا كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا ، ودول أقل تقدما تتمركز في شبة جزيرة البلقان مثل اليونان.

- الضفة الجنوبية الإفريقية – الأسيوية :  وتضم دولا نامية ( دول الجنوب ) وهي دول إفريقيا الشمالية وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة، وتركيا.

 2- الخصائص المشتركة للمجال المتوسطي :

         أ‌-  الخصائص الطبيعية :

        * التضاريس: يتميز المجال المتوسطي بغلبة الكتل الجبلية( جبال الأطلس مثلا)، وتمتد السهول خاصة في المناطق الساحلية، إضافة إلى الامتداد الشاسع للصحاري في دول الضفة الجنوبية للمتوسط.

         * المناخ: يسود المناخ المحيطي والمناخ المتوسطي في دول الضفة الشمالية، بينما يسود المناخ الصحراوي والمناخ المتوسطي في الضفة الجنوبية.

ب – الخصائص البشرية

         يتميز المجال المتوسطي بوجود ثروة بشرية هامة حيث يفوق عدد السكان في الجنوب ال 250 مليون نسمة , في حين يصل عدد سكان الضفة الشمالية الى حوالي 200 مليون نسمة , مع ارتفاع نسبة السكان النشيطين .

II- مظاهر عدم التكافؤ بين الشمال و الجنوب في المجال المتوسطي  :

 تتجلى مظاهر عدم التكافؤ بين الشمال و الجنوب بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط في كافة القطاعات الاقتصادية، ويتضح ذلك من خلال :

أ – وضعية الفلاحة بالمجال المتوسطي

         * دول الشمال: إنتاج فلاحي ضخم يصل إلى درجة الفائض في الكثير من المنتجات الفلاحية، بفضل الفلاحة العصرية(الأسمدة والمكننة...) .

         * دول الجنوب: فلاحة تقليدية تعاني من جفاف المناخ و التربة الفقيرة, فضلا عن مشاكل الأنهار ذات الطابع الدولي ( النيل مثلا) .

ب – وضعية الصناعة بالمجال المتوسطي :

         * دول الشمال: وجود إنتاج صناعي كثيف ومرتفع القيمة لاعتماده على الصناعات التكنولوجية كصناعة الفضاء وصناعة الطائرات، وتستفيد الصناعة بهذا القسم من خبرة اليد العاملة، ووجود سوق استهلاكية واسعة ذات دخل مرتفع،و البحوث العلمية والبنية التحتية .

         * دول الجنوب: إنتاج صناعي ضعيف يركز على الصناعات الاستهلاكية (صناعة النسيج، والصناعة الغذائية)، والصناعات الأساسية (الصناعات الكيماوية)، مع الاعتماد على الصناعات الثقيلة في إطار ما يعرف بإعادة التوطين . فضلا عن انتشار أنابيب تصدير البترول و الغاز الطبيعي نحو الشمال.

ج – وضعية التجارة  بالمجال المتوسطي

ترتبط دول الشمال المتوسطي بجنوبه بمبادلات تجارية مهمة، فاغلب التعاملات التجارية للجنوب تتم مع الشمال لأسباب عديدة، منها عوامل تاريخية (التبعية الاستعمارية)، واتفاقيات التبادل الحر والشراكة الاقتصادية بين شمال وجنوب المتوسط، وقرب المسافات. لكن يلاحظ عدم التوازن في التعاملات التجارية بين الضفتين، ففي الوقت الذي تصدر فيه دول الجنوب المواد الخام والمنتوجات الفلاحية ضعيفة القيمة، تقوم دول الشمال بتصدير المنتوجات المصنعة والعالية التكنولوجيا نحو الجنوب، مما يساهم في تراكم العجز التجاري في الجنوب بينما يعرف الميزان التجاري للشمال فائضا مهما.

د – السياحة بالحوض المتوسطي :

يتوفر المجال المتوسطي على مؤهلات سياحية تستقطب السياح منها سواحل البحر المتوسط الرملية و التراث التاريخي و البنية التحتية ( فنادق و مواصلات).

ورغم ذلك فهناك تفاوت كبير في قطاع السياحة ما بين المجالين الشمالي والجنوبي، ويتجلى هذا التفاوت في :

        * ارتفاع عدد السياح الوافدين على القسم الشمالي مقارنة مع القسم الجنوبي، بحيث يصل عدد السياح الوافدين على اسبانيا لوحدها إلى 40 مليون سائح, بينما لا تستقبل الجزائر الا عددا محدودا من السياح سنويا .

II - مظاهر عدم التكافؤ في التنمية البشرية

1- التفاوت في مستوى توزيع الدخل وباقي أبعاد التنمية البشرية

يلاحظ تفاوت كبير في قيمة الدخل الفردي إذ يسجل في فرنسا مثلا 40 ألف دولار , بينما لا يتعدى 3 الاف دولار في بعض دول الجتوب مثل سوريا.ويرجع التفاوت إلى عدة عوامل منها انخفاض الناتج الداخلي الخام في الجنوب و ضعف الاستثمارات , بينما يتوفرالشمال المتوسطي على شركات متعددة الجنسية ترفع من قيمة الناتج الداخلي الخام    

2- على مستوى الوضعية الاجتماعية

         * الشمال المتوسطي: تتوفر على مؤشرات إيجابية بخصوص الوضعية الاجتماعية للسكان، فنسبة التعليم تجاوزت 98% وانخفضت نسبة الأمية إلى 2%، كما أن نسبة البطالة لا تتجاوز 10%، وتجاوزت المصاريف العمومية الخاصة بالصحة 7.7%،ما يعني ارتفاع مؤشر التنمية البشرية والذي وصل إلى 0.8.

         * الجنوب المتوسطي: تتميز بوضعية اجتماعية مزرية تتضح من خلال مؤشرات التنمية البشرية، فنسبة الفقر و الأمية مرتفعة، ونسبة التأطير الطبي ضعيفة، مايعني تقلص قيمة مؤشر التنمية البشرية حيث لا يتجاوز في أغلب البلدان  0.7

III- آليات و مجالات التعاون بين شمال و جنوب المتوسط

1 – مجالات التعاون الاورومتوسطي :

 * المجال السياسي و الامني : التعاون لمواجهة مشكلة الهجرة السرية و الارهاب, و التعاون في قضية احترام حقوق الانسان و محاربة تجارة المخذرات .

 * المجال الاقتصادي و المالي : يبرز التعاون على مستوى اتفاقيات التبادل الحر و الشراكة الاقتصادية ,فضلا عن منح الشمال لإعانات مالية لدول الجنوبز علاوة على  تدابير حماية البحر المتوسط من اخطار التلوث النفطي ...

 * المجال السوسيوثقافي و الإنساني :من خلال دعم الشمال لجمعيات المجتمع المدني في الجنوب,و دعم المساواة بين الجنسين,و دعم الحوار بين الثقافات .

2- آليات ووسائل التعاون بين الضفتين :

 * برنامج " بام P.A.M" : وهو يتضمن مجموعة من الاجراءات لتحقيق التنمية المستدامة مع احترام البيئة المتوسطية.

 *الشراكة الاورومتوسطية :عبر برنامج " ميدا "  الذي يهدف الى التمويل المالي للتنمية بالضفة الجنوبية . بعد التوقيع على

 *اتفاقية برشلونة: بين دول شمال وجنوب الحوض المتوسطي .

 * مجموعة 5+5  :هو منتدى للحوار بين دول المغرب العربي الخمسة و 5 بلدان من شمال المتوسط ,الذي انبثق عنه السياسة الأوربية للجوار.

I V - حصيلة التعاون الأورومتوسطي و تحدياته و آفاقه المستقبلية 

1- حصيلة التعاون الأورومتوسطي

*الجوانب الايجابية: تتجلى في استقطاب بلدان الجنوب لاستثمارات الشمال رغم انها لم ترق الى مستوى الاستثمارات الاوربية المتدفقة في اتجاه أوربا الشرقية و الوسطىى,فضلا تزايد المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الممولة في الجنوب من طرف برنامج ميدا,و تزايد حجم الصادرات الجنوبية نحو الشمال.

*الجوانب السلبية: لم تتمكن مشاريع برنامج ميدا في الجنوب المتوسطي من توفير مناصب الشغل الكافية للسكان،ولم تستطع الحد من الأمية و لا تحسين الخدمات الصحية للمواطنين, علاوة على تغليب الأوربيين للتعاون الأمني لمحاربة الهجرة السرية والإرهاب....

 2- تحديات التعاون الاورومتوسطي

الهجرة السريةالإرهاب+ السياسة الحمائية التي تفرضها دول الشمال المتوسطي ضد منتوجات الجنوب+ الأزمات السياسية بحوض البحر الأبيض المتوسط كالصراع العربي الإسرائيلي+ تزايد نسبة البطالة والفقر وضعف الخدمات الاجتماعية بالجنوب.......

3- أفاق التعاون الاورومتوسطي.

الموقف المتفائل: يشيد كتدفق الاستثمارات الأوربية نحو الجنوب, و التمويل في اطار برنامج ميدا،واتفاقيات الشراكة.ويؤكد على المستقبل الواعد للتعاون إذا ما عمقت بلدان الجنوب من الإصلاحات السياسية (الديمقراطية وحقوق الإنسان) والاقتصادية(تحرير التجارة ) وحاولت الاندماج في تكتل اقتصادي جنوبي...

الموقف المتشائم: يلح على الحصيلة الهزيلة وينتظر مستقبلا فاشلا للتعاون الاورومتوسطي، ويرجع ذلك إلى تركيز أوربا على التعاون الأمني مثل محاربة الهجرة السرية و الظاهرة الارهابية , فضلا عن انشغال أوربا بتنمية الدول الملتحقة حديثا بالاتحاد الأوربي.

الخاتمة : يحتاج التعاون الأورومتوسطي لمزيد من الجهود لتعميقه خاصة في ظل التحديات الراهنة.
















هناك تعليق واحد: